1 -  هل تشعرين أن هناك دائماً شخص يحاول جذب طفلك لشراء كم لا ينتهى من الأشياء؟

الحقيقة: نعم ! هناك بالفعل من يفعل ذلك. بعض مسوقى اللعب، ألعاب الفيديو، الأفلام، الملابس، الأحذية، منتجات الشعر، الكريمات، وكل الأشياء التى يمكن أن يرغب الطفل فى الحصول عليها، هم من يتتبعون طفلك ويحاولون إغراءه وينفقون الكثير من النقود من أجل جذب انتباهه.

وكأن الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل عرف هؤلاء المعلنون كيف يستغلون أصدقاء طفلك فى الترويج لسلعهم، فالأصدقاء مقتنعون مثل طفلك تماماً أنه لكى يكونوا على سبيل المثال أطفال مميزين ويتبعوا أحدث موضة، يجب أن يمتلكوا أحدث حذاء، أحدث كرة قدم، اليويو، أحدث موديل فى التيشرتات، ... إلى آخره من الأشياء التى لا تنتهى. أياً كان ما يتم الإعلان عنه هذا الأسبوع، من المؤكد أن طفلك سيخبرك به ويطلبه.أضيفى إلى هذا، الاتجاه الجديد فى صناعة أفلام الكرتون، فهى أصبحت أسلوب تسويق، فكلها تحمل نفس الرسالة: اذهب واشترى اللعبة الخاصة بهذا الكرتون. وكثير من أفلام الكرتون تحمل أكثر من لعبة أو شخصية. يجب أن تشترى كل الشخصيات الموجودة فى الكرتون، كل السيارات، ...الخ.

2 - لماذا أصبحت الدعاية الخاصة بالأطفال أكثر انتشاراً؟

أحد الأسباب : إنها بالفعل مؤثرة. الأطفال أكثر تأثراً بالرسالة التى يوجهها لهم المعلن. فالطفل يصدق على سبيل المثال أن الحذاء الفلانى سيجعله يجرى أسرع،... إلى آخر الإعلانات التى تحاول إقناع الطفل بفوائد وهمية. أضيفى إلى هذا الشعور بالتقصير الذى يشعر به الأبوان إذا رفضا شراء ما يطلبه الطفل. وما يزيد الطين بلة هو اقتناع الطفل نفسه أنه لو لم يحصل على ما حصل عليه غيره، سيخسر كثيراً وسيكون أقل منه، وكل هذا يصب فى النهاية فى مصلحة هؤلاء المعلنين.

3 - أسلوب الإلحاح:

هذا سيناريو يحدث بين الآباء والأبناء فى كل أنحاء العالم بغض النظر عن المستوى الاجتماعى أو المادى. يدخل الأب أو الأم مع الطفل إلى محل لشراء شئ معين. تقع عينى الطفل على شئ آخر تماماً. يبدأ الطفل فى التوسل والإلحاح وأحياناً البكاء رغم أنه لا يحتاج لهذا الشئ. ويكون أمام الأب أو الأم أحد الاختيارين كلاهما مُر، إما الاستسلام لإلحاح الطفل، أو تحمل الحرج الذى يسببه إلحاح الطفل وغضبه.

وتبعاً لما ذكر فى كتاب " أطفال مستهلكون" بقلم الأخصائية النفسية سوزان لين أن المعلنين عن اللعب يعملون على تعليم الأطفال كيف يلحون بشكل مؤثر، بل ويحاولون الاجتهاد فى ابتكار أساليب جديدة لتعليم الأطفال كيف يلحون بشكل فعال. فقط فكرى فى الأمر. هؤلاء المعلنون يعطون الأطفال الأسلحة التى يحتاجونها لإبداء أسباب لإقناع الأهل أنهم لابد وأن يحصلوا على اللعبة المعينة. أصحاب المحلات يضعون الإعلانات التى تجذب أنظار الأطفال فى أماكن معينة تسمح بأن يراها الطفل وعلى مستوى نظره – على سبيل المثال عند الخزينة حيث يكون لدى الطفل فرصة للتدقيق والنظر إلى الإعلان بينما تدفع أمه الحساب. انظرى حتى إلى أصغر محل بقالة بجوار منزلك. ماذا ستجدين عند الخزينة؟ لبان، بمبونى، أكياس بطاطس جاهزة... كل هذه الأشياء عديمة الفائدة التى يشتهيها الطفل.

قد لا تصدقى أن بعض المعلنين يضحون بالكثير من الوقت والجهد فى دراسة ظاهرة الإلحاح – إلى أن تكتشفى أنهم يجنون أطلال من الأموال نتيجة هذا الإلحاح. لقد فرق هؤلاء المعلنون بين نوعين من الإلحاح: الإلحاح القائم على التصميم حيث يرهق الطفل أمه من كثرة تكرار نفس الطلب حتى تكاد الأم تصاب بالجنون، وهناك الأسلوب الآخر من الإلحاح الذى يقوم على محاولة إقناع الطفل لوالديه بأهمية الشئ الذى يريده ولماذا يجب أن يحصل عليه (على سبيل المثال، لأنه يحتاج لتكملة مجموعته، أو لأن هذا الشامبو سيجعل شعرها أنعم، ...الخ).

أيضاً يقسم المعلنون الآباء والأمهات إلى: 

  • الآباء والأمهات الذين لديهم إمكانيات مادية جيدة ولكن لديهم القدرة على مقاومة الطلبات الكثيرة والإلحاح.
  • الآباء والأمهات الذين يوافقون على شراء لعب معينة لأطفالهم لأنهم هم أنفسهم سيستمتعون بها (مثل بعض الآباء الذين يشترون الــ "بلاى ستاشن" ليلعبوا هم بها أيضا).
  • الآباء والأمهات المتساهلون الذين يشترون أشياء لأطفالهم للتخفيف من شعورهم بالذنب تجاههم (غالباً مثل الأم أو الأب الذى يقوم أحدهما بتربية الطفل بمفرده أو الآباء والأمهات الذين يعملون لساعات طويلة). - وأخيراً الآباء والأمهات الذين يتسم سلوكهم بالتناقض لأنهم يعرفون أنهم لا يجب أن يشتروا شئ معين للطفل ومع ذلك يفعلون. عندما تعرفين أساليب هؤلاء المعلنين فى دراسة السوق والترويج لسلعهم، ستشعرين أنك ترغبين فى المقاومة.

4 - طرق إيجابية للمقاومة :

فى النهاية يجب أن تقاومي هذا الهجوم الإعلامى، لكن المهم هو أن تقاومى بشكل فعال وهادئ. حاولى استخدام الطرق التالية لتساعدك على حل المشكلة:

  •  أعطي  لطفلك مصروف شخصى لكى يستطيع أن يميز بنفسه بين ما يستحق أن ينفق نقوده عليه وما لا يستحق، لكن وضحى لطفلك أنك لازلت تستطيعين رفض شراء شئ معين إذا رأيت أنه غير مقبول. من المدهش أن شعور الطفل بقدرته على التحكم فى النقود يجعله أكثر وعياً فى إنفاقها.
  • قاومي أسلوب الإلحاح. إذا ألح طفلك، وضحى له أن أسلوب الإلحاح لن يوصله لغرضه. إذا استمر فى الإلحاح، خذيه واتركى المحل بدون شراء أى شئ.
  • أعطى لأطفالك فكرة عن أساليب بعض المعلنين فى الترويج لسلعهم. عرفيهم عيوب الإعلانات وعلميهم ماذا يحاول هؤلاء المعلنون أن يقنعوهم به. حتى الطفلة ذات الثمان أعوام ستستطيع أن تدرك أن كثرة أكل الشيكولاتة ليس هو الطريقة لكى تكون فتاة جميلة ورشيقة حتى ولو حاول الإعلان إقناع المشاهد بذلك.
  • أكدي لطفلك أننا لا يجب أن نصدق كل ما نقرؤه أو نشاهده فى التليفزيون. هذا هو الخطأ الذى يقع فيه الأطفال دائماً، فهم يعتقدون أنه طالما هناك شئ مكتوب أو يعرض فى التليفزيون، فلابد وأنه حقيقى.
  • "لا" تعنى "لا". لا تغيرى رأيك لمجرد أن طفلك قد زاد فى إلحاحه. إذا لم تكوني مقتنعة بالشيء الذى يطلبه طفلك، فلا تشتريه له.
  • قد يعتقد طفلك أنه مظلوم أو محروم لمجرد أن طفل آخر يمتلك ما يتمناه هو. حاولى أن تفهمى طفلك أن كل إنسان يمتلك بعض الأشياء، لكن لا يوجد إنسان يمتلك كل شئ. لتنبيه طفلك، يمكن أخذه لزيارة أحد دور الأيتام أو أحد الجيران الفقراء. ستساعد هذه الزيارة فى تغيير نظرته للأمور، وسيشعر أن لديه من النعم والأشياء التى لا يحلم بها غيره.

  إعداد: نور محمد